الجمعة، 25 مايو 2012

عن أبو الفتوح و صباحي أتحدث





حالة من الأحباط و رفض الواقع تسيطر علي السواد الأعظم من ثوريي الطبقة المتعلمة في مصر بعد اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية شبه النهائية. تلك الأنتخابات التي شهدت الصعود الغير متوقع لأحد رموز النظام السابق أحمد شفيق فمن غير المنطقي في أولي الأنتخابات الرئاسية بعد ثورة قامت من أجل اسقاط نظام قمعي مستبد أن يترشح أحد رجالات ذلك النظام بل و يحصل علي مركز متقدم بعدة ملايين من الأصوات. أما عن تقدم مرشح الأخوان الدكتور محمد مرسي فهو أمر محسوم من البداية و راجع الي قوة الأخوان المسلمين الحشدية و شعبيتهم الجارفة في  ظل حضور ضعيف و مشتت لبقية التيارات ليبرالية كانت أو اسلامية.

يبقي السؤال الأهم ألا و هو كيفية تقدم شفيق علي مرشحين محسوبين علي الثورة في قوة حمدين صباحي و د./ عبد المنعم أبو الفتوح و هنا  يكمن الخلاف.


الأغلبية العظمي أتجهت الي التخوين و القاء اللوم فتارة نري أنصار أبو الفتوح يلقون اللوم علي من رشحوا صباحي و تارة نري العكس، تلك الأغلبية تري أن عدم الائتلاف وراء مرشح ثوري واحد منهما يعد خيانة للثورة و تشتيتاً للأصوات ضاربين بعرض الحائط نقاطاً شديدة الأهمية.

فمن الخطأ الفادح اعتبار المرشحين وجهان لعملة واحدة تحقق مطالب الثورة دون الأخذ في الأعتبار أختلاف الأيدولوجيات و المرجعيات فمهما أتفقت الأهداف فطريقة تحقيقها عند مرشح يميني ذو مرجعية اسلامية مثل أبو الفتوح تختلف تمام الأختلاف عن طريقة مرشح أشتراكي قابع في أقصي اليسار مثل صباحي  ، فاياً كان تشابه المرشحين أخلاقياً و تماثلهم في حب الوطن لا يلغي الأختلاف الفكري.


فحين نتحدث عن الوحدة فالوحدة تكون بين أبناء المدرسة الفكرية الواحدة لعدة أسباب أهمها الشريحة الأنتخابية ، فأصحاب المرجعية الواحدة قد يقتسمون أصوات الناخبين المؤيدين لتلك المرجعية و أضرب هنا مثلا للتوضيح.. لنفترض أن أحد المرشحين الأسلاميين محمد مرسي و أبو الفتوح كان قد قرر التنازل لصالح الأخر هنا يظهر الفارق و تظهر وحدة أصوات التيارات الأسلامية العديدة.
لكن دعونا نطبق هذا المثال علي أبو الفتوح و صباحي... فهنا سنجد أنفسنا أمام حالة من أثنتين

السيناريو الأول (أبو الفتوح يتنازل لصباحي)  و في تلك الحالة يفترض البعض أنه سيحصل علي أصوات الأثنين لكن الواقع سيُظهر غير ذلك فستذهب أصوات المعسكر الأسلامي الداعم لأبو الفتوح الممثل في حزب النور و الحركة السلفية بوجه عام و هم يمثلوا كتلة تصويتية لا يستهان بها الي المرشح الأسلامي ألاخر محمد مرسي بالتبعية.

السيناريو الثاني (صباحي يتنازل لأبو الفتوح) أما في تلك الحالة فأصوات الأشتراكيين قد تجد طريقها الي مرشح يساري أخر مثل أبو العز الحريري و أصوات بعض الأخوة الأقباط و أخرين من المصابين بالأسلاموفوبيا سوف تذهب الي أي مرشح مدني أخر لأختلافهم الفكري مع الدكتور أبو الفتوح.

لكن الثابت قي الأمر أن أصوات الثوريين من الطبقة المتعلمة كانت ستتجمع حول أحدهما و لكن تلك الطبقة لعمري لم تكن لتؤثر بالشكل المتصور بأعتبار أن الأغلبية العظمي من الشعب من قاطني الأقاليم و أصحاب المؤهلات البسيطة بل و الأميين. فلا يلومن أحد أخر علي أختيار مرشح فالديموقراطية تنص علي حرية الأختيار وتقبل الرأي ألاخر حتي و ان ثبت جهله.

أما بعد أن فندت فكرة المرشح الثوري الواحد و لماذا أراها محض هراء... أري أن السبب الواضح و الصريح لحصول شفيق علي دعم شريحة كبيرة يتعلق بشكل أساسي بقدرته علي مخاطبة البسطاء و الوصول الي الفئات المهمشة و ساكني الأرياف في المجتمع المصري مقارنة بشباب الثورة من داعمي أبو الفتوح وصباحي الذين أنشغلوا بمناظارات و أظهار عيوب و دعايا رقمية و مرئية للنخبة التي لا تمثل أكثر من عشرين بالمائة من المصريين مما ظهر جلياً في أنتخبات المصريين بالخارج و العاصمة و الأغلبية.

الخلاصة أن النجاح يعتمد بشكل أساسي علي القبول المجتمعي من كل الأطياف أو علي أقل تقدير أغلبيتها فالثورة نجحت بالتأييد الشعبي و ستفشل بمجرد زوال الود بين الحركات الثورية و عامة الشعب.

                                                                                 أ. هاني                                      

                                                                             26/5/2012











الأربعاء، 1 فبراير 2012

ما بعد الفوضى 2/2

ترددت كثيراً قبل إنشاء مدونة تضم كتاباتي ..
فمن أكون وما قيمة ما اكتسبته من خبرات في سنوات حياتي القليلة بمقياس البشرية حتى يستحق الكتابة ...
لكني أمنت دائما أن الكتابة هي أحد النعم التي أنعم الله بها علينا وأحد أهم وسائل تفريغ طاقاتنا البشرية حتى لا نختنق بمشاعرنا الداخلية و لذا مارسها البشر على مر القرون باختلاف أطيافهم ، فبالنسبة لي الكتابة متنفس فحري بي كشاهد على أحداث مؤلمة تعتري مجتمعي أن أكتب فأوصل رأيي واتحلي بالإيجابية فلا فائدة من النحيب على أطلال وطن موشك على السقوط ولا فائدة من ترديد كليشيهات محفوظة من عينة الأصابع الخفية والطرف الثالث ، فقط أصحاب العقول والطموحات هم القادرون على العبور بمصر إلى منطقة ما بعد الخطر في عصر أصبح معظمنا مثل دمى الماريونيت محركين من أصحاب المصالح والبعض الأخر سائر على سياسة القطيع.

في الآونة الأخيرة عصفت بالأمة العديد من الأحداث التي استحثتني للكتابة
 عنها لكن دوما كان هناك ذلك الجزء الخفي مني في إنتظار شيء ما لم أدر ماهيته ليستفزني ويدفعني دفعا للكتابة عنه و شاء القدر أن يكون في ذكرى موقعة الجمل فيزيد الأمر هولا على هول.. كما تابعتم  الأحداث المؤلمة التي تلت مباراة في كرة القدم التي تحولت من نزال شريف بين فريقين إلى ساحة قتال مالئة  نشرات الأخبار والقنوات المرئية كافة بالمشاهد المؤلمة والفجائع التي تليق بحرب أهلية ولا تليق بمقامها هذا...
قد يظن البعض إن ما استوقفني هو التسيب الأمني أو رد المجلس العسكري الذي إكتفى بالاعتذار التقليدي والوعد بتعويض شهداء زهدوا عن دنيانا وهم الآن في يد غفور رحيم  ، إن ما  استوقفني حقا هو المآل الذي وصل إليه شعبنا من وحشية شديدة  وتعطش  أعمى للدماء.. مشاعر متخبطة تجتاحني وأنا أري مدى إنحدار مستوى وطني  حتى من المنظور الأخلاقي.

ولا يسعني إلا النظر في أسباب فساد أخلاق شعب مفترض أنه عاصر أحلك فترات التاريخ ولم يفقد تدينه وعاداته التي تميزه عن أي بلد أخر، لا يستطيع منصف أو غير منصف أن ينكر أن لفساد الحياه السياسية و لهث المسئولين وعلى رأسهم مبارك في الثلاثة عقود الأخيرة وراء المنصب وإهمال الجوانب الاجتماعية والتعليمية الدور الأكبر في تحويل شعب الى آلات تسعي نحو العيش في أمان مقابل انسانيتها.. ففي ظل همجية الحياه من ذا الذي يهتم بتعليم وأخلاقيات في زمن القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر.
فيا من تتهم الثورة بإفساد استقرار حياتك إعلم إن من أفسد حياتك ما زال يحاكم في محاكم هزلية وحاشيته يعيثون الفساد في مصر.

تحية الى شهداء ثورة مصر العظيمة وكل من رفض السلبية وحاول أن يغير فلولا هؤلاء لبتنا ننتظر منقذ لم ولن يأتي فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ولهذا يجب أن تظل ثورتنا مستمرة.
                                                                                                                                  أ.هاني