حالة من الأحباط و رفض الواقع تسيطر علي السواد الأعظم من ثوريي الطبقة المتعلمة في مصر بعد اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية شبه النهائية. تلك الأنتخابات التي شهدت الصعود الغير متوقع لأحد رموز النظام السابق أحمد شفيق فمن غير المنطقي في أولي الأنتخابات الرئاسية بعد ثورة قامت من أجل اسقاط نظام قمعي مستبد أن يترشح أحد رجالات ذلك النظام بل و يحصل علي مركز متقدم بعدة ملايين من الأصوات. أما عن تقدم مرشح الأخوان الدكتور محمد مرسي فهو أمر محسوم من البداية و راجع الي قوة الأخوان المسلمين الحشدية و شعبيتهم الجارفة في ظل حضور ضعيف و مشتت لبقية التيارات ليبرالية كانت أو اسلامية.
يبقي السؤال الأهم ألا و هو كيفية تقدم شفيق علي مرشحين محسوبين علي الثورة في قوة حمدين صباحي و د./ عبد المنعم أبو الفتوح و هنا يكمن الخلاف.
الأغلبية العظمي أتجهت الي التخوين و القاء اللوم فتارة نري أنصار أبو الفتوح يلقون اللوم علي من رشحوا صباحي و تارة نري العكس، تلك الأغلبية تري أن عدم الائتلاف وراء مرشح ثوري واحد منهما يعد خيانة للثورة و تشتيتاً للأصوات ضاربين بعرض الحائط نقاطاً شديدة الأهمية.
فمن الخطأ الفادح اعتبار المرشحين وجهان لعملة واحدة تحقق مطالب الثورة دون الأخذ في الأعتبار أختلاف الأيدولوجيات و المرجعيات فمهما أتفقت الأهداف فطريقة تحقيقها عند مرشح يميني ذو مرجعية اسلامية مثل أبو الفتوح تختلف تمام الأختلاف عن طريقة مرشح أشتراكي قابع في أقصي اليسار مثل صباحي ، فاياً كان تشابه المرشحين أخلاقياً و تماثلهم في حب الوطن لا يلغي الأختلاف الفكري.
فحين نتحدث عن الوحدة فالوحدة تكون بين أبناء المدرسة الفكرية الواحدة لعدة أسباب أهمها الشريحة الأنتخابية ، فأصحاب المرجعية الواحدة قد يقتسمون أصوات الناخبين المؤيدين لتلك المرجعية و أضرب هنا مثلا للتوضيح.. لنفترض أن أحد المرشحين الأسلاميين محمد مرسي و أبو الفتوح كان قد قرر التنازل لصالح الأخر هنا يظهر الفارق و تظهر وحدة أصوات التيارات الأسلامية العديدة.
لكن دعونا نطبق هذا المثال علي أبو الفتوح و صباحي... فهنا سنجد أنفسنا أمام حالة من أثنتين
السيناريو الأول (أبو الفتوح يتنازل لصباحي) و في تلك الحالة يفترض البعض أنه سيحصل علي أصوات الأثنين لكن الواقع سيُظهر غير ذلك فستذهب أصوات المعسكر الأسلامي الداعم لأبو الفتوح الممثل في حزب النور و الحركة السلفية بوجه عام و هم يمثلوا كتلة تصويتية لا يستهان بها الي المرشح الأسلامي ألاخر محمد مرسي بالتبعية.
السيناريو الثاني (صباحي يتنازل لأبو الفتوح) أما في تلك الحالة فأصوات الأشتراكيين قد تجد طريقها الي مرشح يساري أخر مثل أبو العز الحريري و أصوات بعض الأخوة الأقباط و أخرين من المصابين بالأسلاموفوبيا سوف تذهب الي أي مرشح مدني أخر لأختلافهم الفكري مع الدكتور أبو الفتوح.
لكن الثابت قي الأمر أن أصوات الثوريين من الطبقة المتعلمة كانت ستتجمع حول أحدهما و لكن تلك الطبقة لعمري لم تكن لتؤثر بالشكل المتصور بأعتبار أن الأغلبية العظمي من الشعب من قاطني الأقاليم و أصحاب المؤهلات البسيطة بل و الأميين. فلا يلومن أحد أخر علي أختيار مرشح فالديموقراطية تنص علي حرية الأختيار وتقبل الرأي ألاخر حتي و ان ثبت جهله.
أما بعد أن فندت فكرة المرشح الثوري الواحد و لماذا أراها محض هراء... أري أن السبب الواضح و الصريح لحصول شفيق علي دعم شريحة كبيرة يتعلق بشكل أساسي بقدرته علي مخاطبة البسطاء و الوصول الي الفئات المهمشة و ساكني الأرياف في المجتمع المصري مقارنة بشباب الثورة من داعمي أبو الفتوح وصباحي الذين أنشغلوا بمناظارات و أظهار عيوب و دعايا رقمية و مرئية للنخبة التي لا تمثل أكثر من عشرين بالمائة من المصريين مما ظهر جلياً في أنتخبات المصريين بالخارج و العاصمة و الأغلبية.
الخلاصة أن النجاح يعتمد بشكل أساسي علي القبول المجتمعي من كل الأطياف أو علي أقل تقدير أغلبيتها فالثورة نجحت بالتأييد الشعبي و ستفشل بمجرد زوال الود بين الحركات الثورية و عامة الشعب.
أ. هاني
26/5/2012